لا يخفى على أحد ماهية النوبة القلبية وخاصة أولائك المرضى بأمراض الشرايين التاجية، والتي تشتهر بقصور التنفس وضيق الصدر والذي يصفه المرضى بأنه ألمٌ عاصرٌ أو شعور بوخزة في القلب، ولكن هل خطر ببالك أن تلك النوبة القلبية قد لا تصحبها تلك الأعراض؟ تابع معنا للتعرف على المزيد عن النوبة القلبية الصامتة.
من المعلوم أن النوبة القلبية هي إحدى مضاعفات انسداد الشرايين التاجية، حيث ينتج عن هذا الانسداد انقطاع التروية الدموية للقلب بشكل كلي أو جزئي.
هذا الانسداد عادةً يكون منشأه هو ارتفاع الدهون والكوليسترول بالدم، أو بصيغة أخرى يقف تصلب الشرايين وراء هذه المشكلة.
آلية الإصابة بـ النوبة القلبية الصامتة
جُلُّ الأمر يتمثل في تصلب الشرايين، حيث أن ترسب الكوليسترول بين جدران الأوعية الدموية ينشأ عنه ضيق في الشرايين.
الأمر الذي يظهر على المريض بعد مدة من الزمن في صورة ضيق في التنفس وألم بالصدر في حال بذل مجهود شاق ولكنه يزول مع الراحة.
تكمن المشكلة في إمكانية انفجار وتمزق الغلاف المحيط بالدهون المترسبة بالشريان التاجي؛ وبالتالي يحدث انسداد بالشرايين التاجية نتيجة تكون جلطة دموية بالشريان.
اقرأ المزيد : عملية القلب المفتوح.
اعراض النوبة القلبية الصامتة
يكمن الفارق بين هذين المصطلحين أو الحالتين النوبة القلبية والنوبة القلبية الصامتة” في الأعراض الظاهرة على المريض في كل منهما، وتتمثل أعراض النوبة القلبية في الآتي:
- الشعور بضيق في الصدر والإحساس بألم ضاغط أو شعور بوخزة في الصدر
- قد ينتقل الألم إلى مناطق أخرى بالجسم، وأشهرها الرقبة والكتف والظهر
- الشعور بالغثيان وحرقة المعدة أو عسر الهضم، ومن الوارد الشعور بألم بالبطن
- ضيق في التنفس
- التعب والإرهاق
- صداع خفيف مع بعض الدوار
- تعرق بارد
ولكن ليس ذلك هو الحال مع اعراض النوبة القلبية الصامتة، حيث يُصاب بعض الناس بانسداد الشريان التاجي وتبدأ عضلة القلب بالتلف.
كل هذا وهو لا يشعر بألم أو مشكلة ملحوظة تلفت النظر أو تسلط الضوء على القلب، ويُعزَى هذا إلى العديد من الأسباب كما سنفصل الآن.
- بعض الناس على سبيل المثال تستطيع أجسادهم تحمل الألم، ولا يستجيب الجسد أو الجهاز العصبي لمؤثرات الألم إلا بإثارة شديدة أو ألم قوي، ولذا قد يعدُّون ألم الصدر ألماً عادياً ولا يرقى لمرحلة النوبة القلبية.
- ضع باعتبارك أيضاً أن بعض الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض الكلى المزمنة والأمراض التي تؤثر على الأعصاب بشكل عام، قد تحول دون الشعور بالألم، أو تقلل من حدته.
- كما أن نقص التروية الدموية للقلب في بعض الأحيان قد تقلل من الشعور بالألم، كذلك قد يحدث الأمر مع كبار السن خاصة فوق عمر 75 عاماً، ويشيع ذلك بين الذكور عن الإناث.
أسباب الإصابة بالنوبة القلبية
السبب الرئيس هو انسداد الشرايين التاجية نتيجة تصلب الشرايين، والذي قد يكون جزئياً أو كلياً ما يتسبب في تلف جزء من نسيج القلب.
وإليك بعض العوامل التي تزيد من خطر وفرص التعرض للنوبة القلبية الصامتة أو العادية:
- التدخين
- ارتفاع ضغط الدم، والذي قد ينشأ عنه تلف في الأوعية الدموية بمرور الزمن، ولذا فإنه من الضروري الحفاظ على ضغط الدم ضمن معدلاته الطبيعية.
- العمر، حيث تزداد الاحتمالية كلما تقدم العمر، وذلك فوق سن 45 في الرجال، وال 55 في النساء.
- ارتفاع الدهون بالدم، ارتفاع الدهون بشكل عام والكوليسترول السيئ أو الرديء يسبب ضيق الأوعية الدموية، كما أنه قد يتسبب في تلف الأنسجة بترسبه على جران الأوعية الدموية.
- السمنة المفرطة، وذلك لارتباطها بارتفاع الكوليسترول بالدم وتأثيرها في ارتفاع ضغط الدم.
- داء السكري وارتفاع السكر بالدم.
- التوتر والقلق وقلة النشاط البدني المبذول.
- التعرض السابق لتسمم الحمل أو الإصابة بأمراض مناعية كالتهاب المفاصل الروماتيزمي.
اقرأ المزيد : جراحة القلب بالمنظار.
التشخيص والعلاج
كيف للطبيب أن يقيم حالة المريض ويحدد السبب وراء تلك الأعراض؟
- المصباح الذي يقود الطبيب في رحلته نحو التشخيص الصحيح هو تاريخك المرضي؛ متمثلاً في طبيعة المرض والأعراض الظاهرة عليك وما إن كنت تتعاطة أي أدوية، أو تعاني من أي أمراض ونحو ذلك.
ومن هنا من واجبك أن تجيب الطبيب بأمانة وأن تخبره بكل ما يحتاج معرفته للوصول إلى التشخيص الصحيح واتخاذ التصرف المناسب.
- فور أن تَسرُد على الطبيب أعراضك السابقة سيراوده الشك نحو النوبة القلبية؛ الأمر الذي سيدفعه نحو أمرين هامين في التشخيص، وهما رسم كهربية القلب، وفحوصات الدم.
تسجل النبضات الكهربية بالقلب نظماً محدداً، وكلما حدث خلل بأحد عناصر رسم القلب دل ذلك على مشكلة ما يستطيع الطبيب أن يحددها أو يطلب المزيد من الفحوصات لتأكيدها.
- في حال الإصابة بالنوبة القلبية فإن بعض التغيرات تطرأ على الدورة الدموية متمثلةً في تغير معدلات بعض البروتينات أو المواد، والتي يستعين بها الطبيب في تحديد المشكلة.
- أضِف على ما سبق بعض الفحوصات الإضافية التي قد يحتاجها الطبيب لمزيد من التأكيد في حال شكه بمشاكل أخرى مثلاً، أو لتحديد موضع الانسداد بالشرايين التاجية، ونحو ذلك مما يعينه على تقديم أفضل رعاية طبية.
كما قد يطلب الطبيب التصوير المقطعي للقلب والصدر، أو أشعة الإيكو، أو القسطرة القلبية وغير ذلك.
علاج النوبة القلبية
قبل العلاج، أحيطك علماً بأنه من الضروروي جداً ألا يبذل المصاب بالنوبة القلبية أي مجهود أبداً، حتى مجرد المشي أو الوقوف ممنوع إلا للضرورة القصوى.
الهدف الأول للعلاج هو منع لحاق أي ضرر بالقلب، أو التقليل من حدته قدر الإمكان، وذلك باستعمال الطبيب للأدوية المضادة للجلطات ومذيبات الجلطة والأدوية الموسعة للأوعية الدموية.
يضاف إلى ذلك العديد من الأدوية الأخرى المستعملة في التحكم في المضاعفات في حال حدوثها كاضراب نظم القلب ونحوه.
بالإضافة لاستعمال المهدئات، والأدوية التي تخفف من الحِمل الواقع على عضلة القلب والمجهود المبذول منه وذلك مثل حاصرات بيتا.
وانتقالاً من العلاج الأولي والدوائي، نخوض الآن في العلاج طويل الأمد:
دعونا نتفق بداية أن بعض الأدوية قد يرى الطبيب ضرورة المداومة عليها وفق ما يراه من حالة المريض، أضِف على ذلك بعض الطرق العلاجية لتجنب حدوث النوبة القلبية مرة أخرى في المستقبل.
- الحل الأول هو تركيب دعامة قلبية، دعامات القلب لها مميزاتها وعيوبها، أما دورها في العلاج هو الحفاظ على بقاء الشريان التاجي مفتوحاً وتجنب ضيقه وانسداده مرة أخرى.
وتتوافر العديد من دعامات القلب فمنها الدعامة العادية، ومنها دعامة القلب الدوائية.
- يمكن كذلك علاج انسداد الشرايين التاجية عن طريق توسيع الشرايين التاجية، وللمزيد طالع المقال التالي: توسيع الشرايين التاجية بالقسطرة البالونية.
- أما الوسيلة الأخرى فهي جراحة ترقيع الشرايين التاجية، ودورها هو تغيير مسار الشرايين التاجية وصنع مسار جديد لها لتوصيل الدم للقلب بعيداً عن المسار الذي أصابه الانسداد.
تلك العملية تتم باستعمال نسيج من أحد الأوعية الدموية بالجسم (من اليد أو الفخذ أو الصدر)، ويمكن أداؤها بعدة طرق مختلفة؛ منها جراحة القلب المفتوح أو جراحة القلب النابض.
أسباب عدم ظهور أعراض واضحة للنوبة القلبية الصامتة
النوبة القلبية الصامتة تحدث عندما يتعرض الشخص لتلف في عضلة القلب دون أعراض شديدة. يعود ذلك لقدرة بعض الأشخاص على تحمل الألم الشديد. بالتالي، قد لا يلاحظ المريض التغيرات في الجسم الناتجة عن انسداد الشرايين. كما أن الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض الأعصاب، قد تقلل من حساسية الجهاز العصبي للألم.
أيضًا، كبار السن قد لا يشعرون بالأعراض التقليدية للنوبة القلبية بسبب تراجع الإحساس لديهم. نتيجة لهذه العوامل، يمكن أن يتعرض المريض لمضاعفات دون معرفته بأنه يعاني من نوبة قلبية. هذه المضاعفات تشمل تلف دائم في عضلة القلب قد يصعب علاجه لاحقًا.
نقص الأكسجين المزمن في الجسم، كما في مرضى الفشل الكلوي، قد يساهم في تخفيف الشعور بالألم. هذا يجعل من الصعب اكتشاف النوبة القلبية في مراحلها المبكرة. بالإضافة إلى ذلك، العوامل النفسية مثل الإجهاد والتوتر قد تساهم في تقليل استجابة الجسم للألم.
يجب على المرضى المصابين بأمراض مزمنة أو كبار السن متابعة حالتهم بانتظام. يمكن للطبيب اكتشاف أي تغييرات مبكرة في صحة القلب من خلال الفحوصات الدورية.
كيفية تشخيص النوبة القلبية الصامتة
تشخيص النوبة القلبية الصامتة يتطلب فحوصات متقدمة واهتماماً بالتاريخ المرضي. يعتمد الأطباء على فحوصات رسم كهربية القلب لتحديد أي تغييرات غير طبيعية. الفحوصات تشمل أيضاً تحاليل الدم لقياس مستويات الإنزيمات والبروتينات التي تدل على تلف عضلة القلب.
يمكن أن يظهر التصوير بالأشعة المقطعية بالصبغة أو أشعة الإيكو تفاصيل أكثر دقة حول حالة الشرايين التاجية. هذه الفحوصات تتيح للطبيب تحديد درجة الانسداد في الشرايين. كل هذه الإجراءات تساعد في تقديم تشخيص دقيق واتخاذ الإجراءات العلاجية المناسبة.
يتطلب التشخيص أيضاً مراعاة الأمراض المصاحبة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. هذه الأمراض تزيد من احتمال حدوث نوبات قلبية صامتة. لذلك، من الضروري التحكم في عوامل الخطر مثل الكوليسترول وضغط الدم.
في حالات الاشتباه بنوبة قلبية صامتة، يُنصح بإجراء الفحوصات الشاملة بانتظام. يمكن أن يسهم التشخيص المبكر في تجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي إلى تدهور صحة المريض.
طرق الوقاية من النوبة القلبية الصامتة
الوقاية من النوبة القلبية الصامتة تتطلب اتخاذ خطوات لتحسين صحة القلب. تبدأ الوقاية باتباع نظام غذائي صحي قليل الدهون والكوليسترول. تناول الأطعمة الغنية بالألياف والخضروات يساهم في خفض مستويات الكوليسترول.
النشاط البدني المنتظم يعزز من صحة القلب والشرايين، مما يقلل من خطر انسدادها. المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا كافٍ للحفاظ على صحة القلب. بالإضافة إلى ذلك، التوقف عن التدخين هو خطوة حاسمة لتحسين صحة القلب وتقليل خطر النوبات القلبية.
يجب أيضًا التحكم في الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم. الالتزام بالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب يساهم في تقليل فرص حدوث النوبات القلبية الصامتة. كما يُنصح بإجراء فحوصات دورية لمراقبة مستويات الكوليسترول والسكر في الدم.
التخلص من التوتر اليومي يلعب دوراً في الوقاية من النوبات القلبية. من خلال ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق، يمكن تقليل التأثيرات السلبية للتوتر على صحة القلب.
دور العائلة في دعم مرضى النوبة القلبية الصامتة
العائلة تلعب دوراً مهماً في دعم مرضى النوبة القلبية الصامتة. يبدأ ذلك بتوعية المريض بأهمية متابعة حالته الصحية بانتظام. يمكن للعائلة تشجيع المريض على الالتزام بنظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.
كما يجب على أفراد العائلة تقديم الدعم النفسي للمريض لتخفيف التوتر. الحفاظ على بيئة هادئة ومريحة يساعد في تقليل الضغط النفسي. الدعم النفسي المستمر يشجع المريض على الالتزام بالعلاج والمتابعة الطبية.
تُعتبر المتابعة المنتظمة من قبل الطبيب مهمة لضمان استقرار حالة المريض. يمكن للعائلة تنظيم مواعيد الفحوصات الدورية ومتابعة التزام المريض بالعلاج. هذا يشمل التأكد من تناول الأدوية في مواعيدها دون تأخير.
أخيراً، يجب أن تشجع العائلة المريض على التواصل الدائم مع الطبيب. يمكن للطبيب اكتشاف أي تغييرات مبكرة في حالة القلب، مما يساهم في تجنب مضاعفات مستقبلية.
تجارب المرضى الأعزاء