تُعَدُّ المعاناة من الهلاوس بعد جراحات القلب خلال الأيام الأولى التى تَلِى الجراحة من الأعراض الشائعة الحدوث، إذ تشير التقديرات أن نسبة المرضى المصابين بها و غيرها من أنواع الهذيان تبلغ حوالى ٤٠٪ ممن أجريت لهم بعض الأنواع من العمليات، و بالرغم أن هذه الهلاوس لا تستغرق سوى أيام معدودات يعقبها الشعور بالتحسن إلا أنها قد تكون مصدر قلق و ارتباك لك و لزوارك.
يُفسر العلماء ظاهرة الهلاوس على كونها رد فعل طبيعى للجسم، بسبب تعرضه للتدخل الجراحى فى القلب، و الذى يتمثل فى صورة التهاب، مثل حدوث تورم فى القدم بعد التواء كاحلك، و لكن هذا الإلتهاب الذى يُعَدّ من أولى مراحل الشفاء يشمل كل أعضاء جسدك بعد إجراء جراحة القلب، لذا تُعتبر الشكوى من الهلوسة هى مجرد إحدى سمات الإضطراب المؤقت فى أداء المخ لوظائفه.
من المسببات المحتملة لحدوث الهلاوس بعد جراحات القلب : عقاقير التخدير، المسكنات القوية، الضوضاء فى وحدة الرعاية المركزة و كذلك الإلتباس فى التفريق بين الليل و النهار، كما تزداد حدة الهلاوس ليلا عند خفوت الأضواء مما يُطلق العَنان للتوهم بحدوث أشياء من محض الخيال.
من هو الأكثر عرضة لحدوث الهلاوس بعد جراحات القلب
إن المرضى الذين أجريت لهم جراحة فى صمامات القلب أو العمليات المعقدة هم أكثر الفئات عُرضة للإصابة بالهلاوس عن الذين أجروا جراحة القلب التحويلية، و ذلك لاستغراق عمليتهم مدة أكبر، مما يؤدى هذا إلى تعرضهم للمزيد من مواد التخدير و إطالة فترة توصيلهم بالجهاز التحويلى بين القلب و الرئة.
قد يكون كبار السن و الذين لديهم الإضطراب الإدراكى (صعوبة فى التذكر أو التفكير) أكثر عرضة لمخاطر حدوث الهلاوس، إلا أن أسباب إصابة البعض منهم و سلامة البعض الآخر من هذا الهذيان، تستوجب إجراء المزيد من البحث.
و بالرغم من تلاشى الهلاوس بعد أيام قليلة من الجراحة إلا أن ذكرياتها ربما تظل قائمة لمدة أطول، و قد يقتضى هذا الأمر تحويلك لتلقى الدعم النفسى، حيث سيمكنك حضور جلسات إعادة التأهيل القلبى من التواصل مع الأخصائى النفسى الذى سيرشدك إلى تعلم طرق الإسترخاء.
قبل إجراء الجراحة المحددة لك ينبغى إطلاع كل من الجراح و طبيب التخدير المنوطين بك على سابقة معاناتك من الإلتباس أو الهلاوس بعد إجراء عملية فى الماضى، وسيتولى الطبيبان متابعة حالتك عن قرب و اختيار أفضل الطرق للعناية بك، من ناحية أخرى أطلب من عائلتك و أصدقائك زيارتك بانتظام و إحضار من المنزل ما يمكنه تنشيط ذاكرتك مثل ألبوم الصور حتى يتسنى لك إسترداد الإدراك و إعادة الطمأنينة إلى قلبك.
الفحوصات المطلوبة لتشخيص الهلاوس بعد جراحات القلب
الفحوصات المطلوبة لتشخيص الهلاوس بعد عملية القلب المفتوح تعتبر عنصراً حاسماً في مسار التعافي للمرضى. عقب العمليات الجراحية للقلب، قد يواجه بعض المرضى أعراضاً مثل الهلاوس، التي تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً ملائماً. لذلك، تبرز أهمية إجراء سلسلة من الفحوصات الطبية لتحديد أسباب هذه الأعراض وتحديد العلاج المناسب. من بين هذه الفحوصات، تحليلات الدم التي تساعد في الكشف عن أي اختلالات قد تؤثر على الحالة العقلية للمريض.
الفحص النفسي يعد خطوة رئيسية أخرى في تشخيص الهلاوس بعد الجراحة. يقوم الأخصائي النفسي بتقييم الحالة العقلية للمريض من خلال مقابلات شخصية واختبارات نفسية محددة. هذا النوع من التقييم يساعد في استبعاد أو تأكيد وجود اضطرابات نفسية قد تكون سبباً في الهلاوس. كما يُعد تقييم الحالة العقلية ضرورياً لتحديد ما إذا كانت الهلاوس ناتجة عن الضغط النفسي الناجم عن الجراحة.
إلى جانب الفحص النفسي، يعتبر تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (MRI) أداة حاسمة في التشخيص. يسمح هذا الفحص بالكشف عن أي تغيرات بنيوية قد تكون مسؤولة عن الهلاوس. يمكن للرنين المغناطيسي أن يكشف عن الإصابات الدماغية، التورم، أو أي أورام قد تؤثر على وظائف الدماغ. الدقة العالية لهذا النوع من التصوير تجعله أداة لا غنى عنها في عملية التشخيص.
أخيراً، يمكن أن تساهم دراسات النوم في فهم وتشخيص الهلاوس بعد جراحة القلب. قد تكون الاضطرابات النومية، مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم، عاملاً مؤثراً في تجربة الهلاوس. من خلال رصد النوم، يمكن للأطباء تقييم جودة ونمط النوم، مما يساعد في تحديد أي اضطرابات قد تحتاج إلى علاج. هذه الفحوصات مجتمعة توفر نظرة شاملة عن حالة المريض، وتساعد في وضع خطة علاجية متكاملة ومحددة. تعمل هذه الاستراتيجية على تحسين نوعية حياة المرضى بشكل فعال وتقليل مخاطر الآثار الجانبية المحتملة الناتجة عن الهلاوس.
علاج الهلاوس بعد جراحات القلب
تعد الهلاوس بعد جراحات القلب من المضاعفات النادرة، ولكنها تحتاج إلى تدخل سريع. يبدأ العلاج بتقييم دقيق للحالة النفسية للمريض. يهدف هذا التقييم إلى فهم الأسباب الكامنة وراء الهلاوس. قد تشمل الأسباب الإجهاد النفسي أو الاضطرابات العصبية. من المهم جدًا الاهتمام بالصحة النفسية للمريض وتوفير الدعم الكافي.
تشمل الخطوة التالية في العلاج استخدام الأدوية المضادة للهلاوس. تُستخدم هذه الأدوية بحذر شديد وتحت إشراف طبي. يجب مراعاة التوازن بين فوائد الأدوية والآثار الجانبية المحتملة. كما يُفضل إجراء تعديلات دورية على الجرعات بناءً على استجابة المريض.
بالإضافة إلى العلاج الدوائي، يلعب الدعم النفسي والعلاج السلوكي دورًا مهمًا. يساعد الدعم النفسي المريض على التعامل مع التوتر والقلق. يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يقدم أساليب فعالة للتعامل مع الهلاوس. يُشجع المرضى على التعرف على مشاعرهم وتحديد الأفكار غير الواقعية.
أخيرًا، يجب النظر في العوامل البيئية والاجتماعية التي قد تؤثر على حالة المريض. يُنصح بتوفير بيئة هادئة ومريحة تساعد على الشفاء. كما يُعد الدعم من الأسرة والأصدقاء عاملاً حاسمًا في عملية التعافي. يُشجع على مشاركتهم في جلسات العلاج لفهم الحالة وكيفية المساعدة.
فيديو هام
تجارب المرضى الأعزاء