هل يمكن للغضب الإضرار بصحتك؟

أستاذ دكتور/ ياسر النحاس

 

بينما لا يُعَدُّ الغضب (الحَنَق) أمرا مُسْتَهْجَناً، فى بعض الأحيان، إلا أنه يحتاج بالقطع إلى توجيهه بطريقة واعية، لذا عليك التركيز فى الهدف من حدوثه و أفضل السبل للتحكم فيه أى إدارته.

إن الغضب فى حد ذاته شعور قد لا يُثير المتاعب ـــ و إنما يكمن ضرره فى كيفية التعامل معه، لذا أمْعِن التفكير فى طبيعته، و أسلوب إدارته و أيضا فى كيفية التأنى عند مجابهتك لمن استشاط غضبه و أصبح خارجا عن نطاق السيطرة.

ما هو الغضب؟

الغضب هو رد فعل طبيعى إزاء حدوث ما يثير القلق و هو يؤدى إلى إفراز جسمك لهرمون الأدرينالين، شد فى عضلاتك، ازدياد معدل ضربات قلبك و ارتفاع فى ضغط دمك، و قد تلاحظ أيضا إتقاد أى تنشيط فى حواسك مع احمرار وجهك و يديك.

بيد أن الغضب لا يُعتبر من الأزمات إلا إذا لم يتم التعامل معه بأسلوب مناسب.

إذن: أليس من المكروه الشعور بالغضب؟

قد لا يكون الغضب دائما بالأمر المذموم، إذ أنه يعطيك مساحة للتعبير عن ما يضايقك و كذلك يصرف الناس عن التمادى فى القفز على أكتافك أو تجاهلك، فالشعور بالغضب قد يكون أحيانا حافزا لك للقيام بأعمال لها أثر إيجابى، و لكن ذلك مرهون باتباعك الطريقة المثالية لإدارة هذا الشعور.

ماذا يدعو الناس للغضب؟

هناك العديد من العوامل التى تستفز المشاعر المُثِيرة للغضب مثل نفاذ صبرك، الشعور بعدم التقدير لمجهوداتك و آرائك أو المعاناة من عدم الإنصاف، كما قد يتولد هذا الغضب أيضا عند اجترار ذكريات الأحداث أو الصدمات الأليمة و كذلك بسبب القلق من المشاكل الشخصية.

و لك، مثل سائر البشر، محفزخاص بك يزج بك فى دائرة الغضب، وفقا لمقدرتك المكتسبة فى تحديد مدى الإستجابة النابعة منك، و من الآخرين و كذلك من المحيطين بك، كما أن للخبرة الشخصية تأثيرا هاما فى تحديد ردود أفعالك عند استثارة غضبك، فعلى سبيل المثال، إذا لم تكن معتادا على التعبير بِتَرَوِّى عن حنقك فإن كبح شعورك بالقهر قد يؤدى بك إما إلى الشعور بالتعاسة أو يتزايد ليصل فى النهاية إلى ثورة عارمة من الغضب.

من ناحية أخرى، يُعتبر كل من الإستعداد الوراثى، طبيعة كيمياء المخ و أيضا الوضع الصحى الحالى من العوامل التى تساهم فى تحديد احتمالات استجابتك للوقوع فى براثن نوبات الغضب الجامح.

ما هى أفضل الطرق للتعامل مع الغضب؟

إذا انتابك الغضب، عليك اتباع الآتى:

  • التعبير: أى الإفصاح و البوح بما يعتمل فى صدرك، و تتراوح وسائل التعبير عن الشعور بالغضب بدءاً من اتباع طريق المناقشة العاقلة و المنطقية حتى الإنجراف إلى هوة الإنفعالات العنيفة.
  • الكبت: هو محاولة لاحتواء الغضب و ربما لتحويله إلى تصرف بناء، إلا أن محاولتك طمس هذا الشعور قد يتسبب فى بعض الأحيان إلى ارتداده نحوك و تحويل دفته ضدك شخصيا مما يثير غضبك من ذاتك أو ربما يصبح لك سلوكا يتسم بالسلبية أو بالعدائية.
  • التهدئة: يتأتى الشعور بالهدوء عند المقدرة على التحكم فى تصرفاتك الظاهرية مع كبح جماح شعورك الداخلى بالغضب فى آن واحد، حتى يفارقك تماما و يعاودك الشعور بالسكينة.

من المثالى اتباعك للتعبير البناء ــ الذى يتحقق بالتنفيس عن مشاعر الغضب و أسبابه، و إبداء احتياجاتك بلا مواربة أى بطريقة واضحة و مباشرة، و ذلك دون المساس بمشاعر الآخرين أو محاولة فرض السيطرة عليهم.

هل يمكن للغضب الإضرار بصحتك؟

لقد توصلت بعض الأبحاث أن التعامل مع الغضب بصورة خاطئة ــ مثل محاولة كبته ــ قد يتسبب فى إحداث ضرر بصحتك، إذ قد يؤدى هذا الخنق للمشاعر فى ازدياد حدة الآلام المزمنة بينما يؤدى الإفصاح عنها إلى تقليل الألم.

كما أن هناك بعض الشواهد تدل على ارتباط الغضب و العدائية بأمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، قرحة المعدة و السكتات الدماغية.

متى يمكن اللجوء إلى المساعدة المهنية؟

يُعتبر التحكم فى الغضب تحديا للجميع فى كافة الأزمنة، لذا عليك اللجوء للمتخصصين لطلب المساعدة للتغلب على نوبات الغضب إذا أصبحت عاجزا عن السيطرة عليها و تقودك إلى أفعال تندم عليها تؤذى بها المحيطين بك و تسيئ تدريجيا إلى علاقاتك الشخصية.

طرق الوقاية من الغضب غير الصحي

الغضب غير الصحي يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية على المدى الطويل. لذلك، من المهم تعلم طرق الوقاية التي تساعدك على التحكم في هذا الشعور. أولاً، حاول تحديد مسببات الغضب في حياتك اليومية. هل هو الضغط في العمل؟ هل هي العلاقات الشخصية؟ فهم أسباب الغضب يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو التعامل معه بشكل فعال. بمجرد تحديد هذه المسببات، يمكنك البدء في تجنبها أو التعامل معها بطريقة أكثر هدوءًا.

ثانياً، تعلم تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، التأمل، واليوغا. هذه التقنيات تساعد في تقليل حدة الغضب عندما تشعر بأنك على وشك الانفجار. التنفس العميق، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر. عندما تشعر بالغضب، حاول أن تأخذ نفسًا عميقًا وبطيئًا، وركز على إخراج الهواء ببطء. هذه العملية تساعد في تهدئة الجسم والعقل معًا.

أخيراً، من المهم البحث عن دعم اجتماعي. التحدث مع الأصدقاء أو العائلة عن مشاعرك يمكن أن يساعدك في فهم أسباب غضبك وكيفية التعامل معها. الدعم الاجتماعي يمكن أن يوفر لك الراحة النفسية ويعطيك وجهات نظر جديدة حول كيفية التعامل مع مشاعرك. إذا وجدت نفسك تواجه صعوبة في التحكم في الغضب رغم كل الجهود، قد يكون من المفيد استشارة مختص في مجال الصحة النفسية للحصول على المشورة والعلاج المناسب.

التأثير النفسي والاجتماعي للغضب

الغضب يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والاجتماعية. على المستوى النفسي، قد يؤدي الغضب المتكرر إلى الشعور بالإجهاد والقلق الدائمين. قد يصبح الشخص الذي يعاني من الغضب المزمن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، الغضب يمكن أن يؤدي إلى التفكير السلبي المستمر والتقليل من تقدير الذات، مما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام.

على المستوى الاجتماعي، يمكن أن يؤدي الغضب إلى تدهور العلاقات مع الآخرين. الشخص الذي لا يستطيع التحكم في غضبه قد يجد نفسه معزولًا عن أصدقائه وعائلته. قد يشعر الناس من حولك بالقلق أو الخوف من ردود أفعالك الغاضبة، مما يؤدي إلى تباعدهم عنك. هذا التباعد الاجتماعي يمكن أن يزيد من مشاعر الوحدة والاضطراب النفسي، مما يعزز دورة الغضب والانفصال الاجتماعي.

من المهم أن تكون مدركاً لتأثير الغضب على حياتك وأن تتخذ خطوات لتحسين استجابتك له. تعلم كيفية التحكم في الغضب يمكن أن يعزز علاقاتك الاجتماعية ويحسن من صحتك النفسية. تطوير مهارات إدارة الغضب يمكن أن يكون مفتاحًا لحياة أكثر هدوءًا وتوازنًا، ويساعدك على بناء علاقات أقوى وأكثر استقرارًا مع من حولك.

الغضب كعلامة على مشاكل أخرى

قد يكون الغضب في بعض الأحيان مؤشراً على وجود مشاكل أخرى غير معترف بها، مثل الاكتئاب أو القلق. إذا كنت تجد نفسك تشعر بالغضب بشكل مفرط أو دون سبب واضح، فقد يكون من المفيد استشارة متخصص للتعرف على الأسباب الكامنة. الفهم الجيد لما يجعلك غاضباً يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو التعامل مع مشاعرك بشكل أكثر فعالية.

في بعض الحالات، الغضب قد يكون تعبيراً عن مشاعر مكبوتة أو مشاكل نفسية أعمق. مثلاً، قد يكون الشخص الذي يعاني من اكتئاب غير مشخص يعبر عن مشاعره بالغضب بدلاً من الحزن. بالمثل، قد يعبر الشخص الذي يعاني من القلق المزمن عن توتره وغضبه بدلاً من التعبير عن خوفه وقلقه المباشر. لذلك، من المهم أن تكون مدركًا لهذا الارتباط وأن تسعى للحصول على الدعم المناسب عند الحاجة.

قد يساعدك التحدث مع مختص في تحديد هذه المشاكل الخفية وتطوير استراتيجيات للتعامل معها بفعالية. قد يشمل العلاج النفسي العمل على التعرف على المسببات الحقيقية للغضب وتعلم كيفية التعامل مع هذه المشاعر بطرق صحية. في النهاية، يمكن أن يؤدي هذا الوعي إلى تحسين جودة حياتك بشكل عام وتقليل الغضب غير المبرر.

الغضب والتربية النفسية

التربية النفسية لها دور كبير في كيفية تعاملنا مع الغضب. الأشخاص الذين تربوا في بيئة تشجع على التعبير عن المشاعر بشكل صحي قد يكونون أكثر قدرة على إدارة غضبهم. في المقابل، الذين تربوا في بيئة قمعية قد يواجهون صعوبة في التحكم في مشاعرهم. من المفيد تعلم استراتيجيات جديدة للتعامل مع الغضب بشكل أفضل.

التربية النفسية تؤثر بشكل كبير على كيفية التعامل مع الغضب منذ الطفولة وحتى مرحلة البلوغ. الطفل الذي ينشأ في بيئة حيث يتم التعبير عن المشاعر بحرية وبدون خوف من العقاب، يتعلم كيفية إدارة غضبه بطرق صحية. بالمقابل، الطفل الذي يكبر في بيئة قمعية أو عدائية قد يتعلم قمع غضبه أو التعبير عنه بطرق غير صحية مثل العنف أو السلبية المفرطة.

من المهم أن يكون الأهل والمعلمون على دراية بأهمية التربية النفسية الصحيحة في مساعدة الأطفال على تعلم كيفية التعامل مع مشاعرهم بما في ذلك الغضب. التعليم المبكر لهذه المهارات يمكن أن يساعد الأطفال على تطوير استراتيجيات إدارة الغضب التي يمكن أن تخدمهم طوال حياتهم. في النهاية، يمكن أن يؤدي هذا النوع من التربية إلى حياة أكثر توازنًا وصحة نفسية للأفراد.

العلاقة بين الغضب وصحة القلب

الغضب المتكرر يمكن أن يؤثر سلباً على صحة القلب. الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من نوبات غضب متكررة هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. يمكن أن يؤدي الغضب إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية. لذلك، من الضروري تعلم كيفية إدارة الغضب للحفاظ على صحة القلب.

عندما يغضب الشخص، يفرز الجسم هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي تزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم. إذا استمرت هذه الحالة لفترات طويلة، يمكن أن تؤدي إلى تلف الأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. بالإضافة إلى ذلك، الأشخاص الذين يعانون من الغضب المزمن قد يكونون أكثر عرضة لتناول الطعام غير الصحي أو التدخين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

لهذا السبب، من المهم أن تكون مدركًا للتأثير الذي يمكن أن يحدثه الغضب على صحتك القلبية. تعلم تقنيات مثل التنفس العميق والتأمل يمكن أن يساعد في تقليل حدة الغضب وحماية قلبك. إذا كنت تجد صعوبة في التحكم في غضبك، قد يكون من المفيد التحدث مع متخصص في الصحة النفسية أو الانضمام إلى برامج إدارة الغضب التي يمكن أن تقدم لك الأدوات اللازمة لتحسين صحتك بشكل عام.

تجارب المرضى الأعزاء

أستاذ دكتور/ ياسر النحاس
استاذ جراحة القلب و الصدر - كلية الطب جامعة عين شمس. إستشاري جراحة القلب بمستشفيات دار الفؤاد ، السعودي الألماني، الجوي التخصصي بالتجمع، شفا، جولدن هارت و ويلكير
____________________
عضو الجمعية الأمريكية و الأوروبية لجراحة القلب
____________________
عنوان عيادة دكتور ياسر النحاس
١٥ شارع الخليفه المأمون-روكسي-مصر الجديده- امام سوق العصر– الدور التاسع
مواعيد العيادة:
السبت و الاربعاء: من الثانية إلى الخامسة مساءا
الحجز مسبق تليفونيا : 01150009625
____________________
أفضل دكتور جراحة قلب مفتوح في مصر (استفتاء الأهرام)
أفضل جراح قلب في مصر ( إستفتاء صدى البلد)
أستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Facebookأستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Linkedinأستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Youtube
Share This Article
error: Content is protected !!