مشبك الصمام الميترالى: أحد طرق علاج بعض مرضى الإرتجاع الميترالى الشديد بالقسطرة

أستاذ دكتور/ ياسر النحاس

ارتجاع الصمام الميترالى هو أكثر عيوب صمامات القلب شيوعا. يتسبب هذا العيب فى عدم انغلاق الصمام الميترالى بإحكام مما يسمح بارتداد مجرى الدم إلى الخلف (إرتجاعه) إلى الحجرة العليا للقلب، و قد يسبب هذا الإرتجاع بعض الأعراض مثل: السعال، الإرهاق و صعوبة فى التنفس، كما تزداد مخاطر الأصابة به كلما تقدم العمر.

فى بادئ الأمر، لم تُعْرَف سوى طريقتان لعلاج ارتجاع الصمام الميترالى: الأدوية و جراحة القلب المفتوح التى يقوم الجراح أثناءها بشق عظام الصدر للوصول إلى القلب، بينما يقوم الجهاز القلبى – الرئوى بأداء وظائف الرئتين و القلب الذين يتم إيقافهم لفترة مؤقتة لحين إصلاح أو استبدال الصمام الميترالى.

أما حديثا، فقد اكتُشِفَت طريقة ثالثة لعلاج ارتجاع الصمام الميترالى ألا و هى الجهاز الجديد المسمى ” مشبك الصمام الميترالى “.

ما هو ارتجاع الصمام الميترالى

يستقبل القلب الدم الخارج من الرئة فى الحجرة العلوية للجانب الأيسر منه (الأذين الأيسر)، ثم يقوم بضخ هذا الدم إلى كل أجزاء الجسم من الحجرة السفلية للجانب الأيسر (البطين الأيسر). يتواجد الصمام الميترالى بين هاتين الحجرتين و يحتوى على ضلفتين كبيرتين – إحداهما أمامية و الأخرى خلفية – لهما أوتار تشبه خيوط المظلة (اﻟﭙاراشوت) يُطلق عليها الحبال تلتصق بعضلة القلب. فى الأحوال الطبيعية، تنفتح و تنغلق هاتان الضلفتان للسماح بمرور الدم فى اتجاه واحد فقط للأمام، إلى البطين الأيسر، و منع ارتداده إلى الأذين الأيسر مرة أخرى عند انقباض القلب.

إذا تعرضت حبال الصمام الميترالى للتمزق أو الجذب الشديد تتهاوى ضلفة الصمام و تهبط عن موضعها، مما يؤدى إلى عدم إحكام غلق الصمام عند انقباض القلب، و من ثَمَّ يتسرب الدم عائدا إلى الخلف من البطين الأيسر و يدخل الأذين الأيسر، ويُطلَق على هذه الحالة الإرتجاع الأوَّلى للصمام الميترالى.

هناك أيضا ما يُعرف بالإرتجاع الثانوى للصمام الميترالى حيث تتباعد ضلفتى الصمام أثناء تمدد القلب؛ فيرتد الدم مارا بينهما أى من منتصف الصمام، و يحدث هذا التمدد لدى الحالات المصابة بقصور فى القلب، أو رجفان القلب الأُذينى أو اضطرابات القلب الأخرى، و يُعَدّ هذا الإرتجاع الثانوى للصمام الميترالى أكثر شيوعًا من النوع الأوَّلى.

ما هو مشبك الصمام الميترالى

مشبك الصمام الميترالى هو عبارة عن ملقاط يُمسِك بضلفتى الصمام الميترالى الأمامية والخلفية معا، مكونا ما يشبه القنطرة فى وسط الصمام كما يوجد على جانبيه ثقبان (التشابه بينه و بين النظارة المكونة من عدستين متصلتين ببعضهما عن طريق ما يسمى كوبرى أو قنطرة). يُعرَف الصمام الذى تم ضم ضلفتيه بواسطة الخيط “بالصمام ذى الثقبين”، و لقد تم إطلاق هذا الإسم عليه بعد التوصل إلى تقنية جديدة أثناء الجراحة تم خلالها ضم ضلفتى الصمام بأخذ غرزة فيهما من أجل إصلاحه.

إن الفارق بين تركيب مشبك الصمام الميترالى و التدخل الجراحى المعتاد هو عدم الحاجة إلى شق عظمة الصدر لوضعه فى القلب، و إنما يتم إدخال هذا الجهاز الدقيق من إحدى الأوردة الموجودة فى منطقة العانة و يتم دفعه حتى يصل إلى الجزء الأيمن من القلب، ثم يُمَرَّر عبر الحاجز الأذينى (الذى يفصل الحجرتين العلويتين من القلب) من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى من القلب، حيث يقوم الجراح بتوجيه المشبك للإمساك بضلفتى الصمام الميترالى و ضمهما إلى بعض، مستعينا فى ذلك بجهاز الموجات فوق الصوتية. يتم إنجاز هذه الوسيلة العلاجية فقط بعمل جرح صغير فى منطقة العانة دون الحاجة للجوء إلى شق الصدر أو استعمال الجهاز القلبى – الرئوى.

خطوات تركيب مشبك الصمام الميترالي

يُعتبر تركيب مشبك الصمام الميترالي من الإجراءات الطبية المتقدمة التي تهدف إلى تحسين وظيفة القلب. يتم تنفيذ هذا الإجراء لعلاج تسرب الصمام الميترالي، وهو حالة يتسرب فيها الدم بالاتجاه المعاكس داخل القلب. يبدأ الأطباء بتقييم الحالة الصحية للمريض، مع التأكد من أنه يلائم هذا النوع من العلاج. يتطلب ذلك إجراء فحوصات متقدمة كالتصوير بالأشعة فوق الصوتية للقلب وفحوصات دم شاملة لتقييم وظائف القلب.

بعد التقييم الدقيق، يتم إعداد المريض للعملية بتعقيم منطقة الإجراء وتوفير التخدير المناسب. يستخدم الأطباء جهاز تنظير الأوعية لإدخال مشبك الصمام الميترالي عبر الوريد في الفخذ. يُنقل المشبك بعناية فائقة عبر الأوعية الدموية حتى يصل إلى القلب. يتطلب هذا الجزء من الإجراء مهارة عالية ودقة متناهية من قبل الفريق الطبي لضمان النجاح.

عند وصول المشبك إلى الصمام الميترالي، يقوم الأطباء بتوجيهه بدقة ليقبض على أجزاء الصمام المتضررة. يتم تثبيت المشبك بحيث يُحسن من قدرة الصمام على الإغلاق ويمنع تسرب الدم. يتم استخدام التصوير بالأشعة فوق الصوتية أثناء العملية لمراقبة توضع المشبك وضمان أنه يؤدي وظيفته كما يجب. يُعد الدقة في توضع المشبك أمرًا حاسمًا لنجاح العملية.

بعد تثبيت المشبك بنجاح، يُختتم الإجراء بسحب أدوات التنظير من الجسم. يُراقب المريض في وحدة العناية المركزة للتأكد من استقرار حالته الصحية. يتم تقديم الرعاية اللازمة والمتابعة الدقيقة للتأكد من تكيف الجسم مع المشبك وتحسن وظائف القلب. يُعد تركيب مشبك الصمام الميترالي خطوة مهمة في علاج أمراض القلب، ويساهم بشكل فعال في تحسين جودة حياة المرضى.

ما هو الجديد

اقتصرت موافقة منظمة الأغذية و الزراعة، حتى وقت قريب، على السماح باستخدام مشبك الصمام الميترالى فقط لعلاج فئة مرضى الإرتجاع الأوَّلى للصمام إذا كانوا عُرضة لمخاطر الجراحة بدرجة كبيرة، و لكن على غير المتوقع، لوحظ انخفاض مخاطر الوفاة عن المعدل المنتظر، قصر فترة التعافى، صغر معدل الدخول المتكرر للمستشفى وأيضا ندرة المضاعفات لدى هذه الفئة مقارنة بفئة المرضى الذين أجروا جراحة القلب المفتوح، بالإضافة إلى ذلك، استغرق بقاء هؤلاء المرضى، الغير مؤهلين للجراحة لخطورتها العالية على حياتهم، فى المستشفى فترة زمنية وجيزة استغرقت يومين فقط بعد تركيب المشبك.

جدير بالذكر، أنَ مشبك الصمام الميترالى عاجز عن المنع الكلى لتسرب الدم متجها للخلف، أى أن ارتجاع بعض الدم مستمر حتى بعد تركيب هذا المشبك، لذا يظل التدخل الجراحى لإصلاح أو استبدال الصمام الميترالى هو الحل الأمثل، حتى الآن، لعلاج المرضى المصابين بالإرتجاع الشديد فى الصمام الميترالى إذا سمحت حالتهم العامة بإجراء هذه العملية.

من ناحية أخرى، بالنسبة لهؤلاء المرضى المعرضين بدرجة كبيرة لمخاطر الجراحة، يقع اتخاذ قرار العلاج بتركيب مشبك الصمام الميترالى، كوسيلة آمنة على حياتهم، على عاتق الخبراء فى علاج الصمامات المريضة (ألا و هم جراحى و أطباء القلب)، الذين هم أقدر المتخصصين على تحديد مدى أهلية المريض لعملية تركيب هذا المشبك.

فيديو هام

YouTube video

فوائد مشبك الصمام الميترالي

مشبك الصمام الميترالي يقدم العديد من الفوائد للمرضى الذين يعانون من ارتجاع الصمام الميترالي. يساعد الجهاز في تحسين تدفق الدم ويقلل من الأعراض المزعجة مثل السعال والإرهاق. بالإضافة إلى ذلك، يساهم مشبك الصمام في تحسين جودة الحياة اليومية للمرضى الذين يعانون من مشاكل في التنفس وصعوبة في ممارسة الأنشطة اليومية. يعتبر هذا الإجراء حلاً ممتازًا للمرضى الذين لا يمكنهم الخضوع لجراحة القلب المفتوح.

من الناحية الاقتصادية، فإن تركيب مشبك الصمام الميترالي يمكن أن يكون أقل تكلفة مقارنة بالجراحة التقليدية. هذا الإجراء يتطلب فترة تعافي أقصر مما يقلل من التكلفة الإجمالية للرعاية الصحية. يقلل هذا الحل من حاجة المرضى للإقامة الطويلة في المستشفى والتكاليف المرتبطة بالرعاية الطويلة الأمد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن معدل النجاح المرتفع للإجراء يعني أن العديد من المرضى يستفيدون من تحسن كبير في حالتهم الصحية دون الحاجة إلى تكرار العلاج. هذا يعزز الثقة في استخدام مشبك الصمام الميترالي كحل فعال وآمن لتحسين صحة المرضى وتقليل المخاطر المرتبطة بالعمليات الجراحية التقليدية.

التحديات والمضاعفات

على الرغم من الفوائد الكبيرة لمشبك الصمام الميترالي، إلا أن هناك بعض التحديات والمضاعفات المحتملة. من أهم التحديات هو التأكد من التثبيت الصحيح للمشبك، حيث أن أي خطأ في التثبيت يمكن أن يؤدي إلى عدم تحسين الحالة بشكل كاف. يتطلب هذا الإجراء دقة عالية وخبرة كبيرة من الفريق الطبي.

من بين المضاعفات المحتملة النزيف أو العدوى في موقع الإدخال. يجب على المرضى الالتزام بتعليمات الرعاية بعد العملية لتقليل خطر هذه المضاعفات. يتضمن ذلك الحفاظ على نظافة موقع الإدخال ومتابعة أي علامات للعدوى مثل الاحمرار أو التورم.

كذلك، قد يحدث تسرب بسيط للدم بعد تثبيت المشبك، وهو أمر طبيعي. ولكن، في حالات نادرة، قد يكون التسرب كبيرًا بما يكفي ليحتاج إلى تدخل طبي إضافي. لهذا السبب، من المهم المتابعة الدقيقة مع الطبيب لضمان النجاح الكامل للإجراء وتحقيق أفضل النتائج الصحية الممكنة.

الفئات المناسبة لاستخدام مشبك الصمام الميترالي

مشبك الصمام الميترالي يعتبر حلاً مناسبًا للعديد من الفئات التي تعاني من ارتجاع الصمام الميترالي. هذا يشمل المرضى الذين لا يستطيعون الخضوع لجراحة القلب المفتوح بسبب المخاطر العالية المرتبطة بالجراحة التقليدية. يعد هذا الإجراء خيارًا مثاليًا للمرضى كبار السن أو الذين يعانون من حالات طبية معقدة تجعلهم غير مؤهلين للعمليات الجراحية الكبرى.

يعتبر مشبك الصمام الميترالي أيضًا حلاً مناسبًا للمرضى الذين يعانون من أعراض شديدة تؤثر على حياتهم اليومية. هذا يشمل المرضى الذين يعانون من ضيق التنفس الشديد والإرهاق المستمر. يمكن لهذا الإجراء تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير وتقليل الأعراض المزعجة.

من جهة أخرى، يمكن أن يكون مشبك الصمام الميترالي خيارًا مؤقتًا للمرضى الذين ينتظرون إجراء جراحة قلب مفتوح في المستقبل. يمكن لهذا الجهاز تحسين حالتهم الصحية بشكل مؤقت حتى يكونوا جاهزين للعملية الجراحية الكبرى. يعتبر هذا الإجراء جسرًا هامًا للمرضى الذين يحتاجون إلى تحسين حالتهم الصحية قبل الخضوع لجراحة معقدة.

التوقعات المستقبلية لمشبك الصمام الميترالي

مع استمرار التطور في مجال الطب والتقنيات الحديثة، من المتوقع أن يشهد استخدام مشبك الصمام الميترالي تطورات كبيرة في المستقبل. هذا يشمل تحسين تصميم المشبك لزيادة فعاليته وتقليل المخاطر المرتبطة باستخدامه. من الممكن أيضًا تطوير تقنيات جديدة لتسهيل عملية التثبيت وزيادة دقة الإجراء.

على صعيد آخر، من المتوقع أن تزيد معدلات النجاح للإجراء بفضل الخبرات المتزايدة للأطباء والفريق الطبي. هذا سيؤدي إلى تحسين نتائج المرضى وتقليل المضاعفات. كذلك، قد يتم تطوير بروتوكولات جديدة للرعاية بعد العملية لضمان تعافي المرضى بشكل أفضل وأسرع.

في النهاية، يمكن أن يسهم مشبك الصمام الميترالي في تغيير حياة الكثير من المرضى بشكل إيجابي. مع التقدم المستمر في البحث الطبي والتقنيات، من الممكن أن يصبح هذا الإجراء أكثر أمانًا وفعالية، مما يوفر للمرضى حلولاً أفضل لمشاكل الصمام الميترالي ويحسن من نوعية حياتهم بشكل عام.

تجارب المرضى الأعزاء

أستاذ دكتور/ ياسر النحاس
استاذ جراحة القلب و الصدر - كلية الطب جامعة عين شمس. إستشاري جراحة القلب بمستشفيات دار الفؤاد ، السعودي الألماني، الجوي التخصصي بالتجمع، شفا، جولدن هارت و ويلكير
____________________
عضو الجمعية الأمريكية و الأوروبية لجراحة القلب
____________________
عنوان عيادة دكتور ياسر النحاس
١٥ شارع الخليفه المأمون-روكسي-مصر الجديده- امام سوق العصر– الدور التاسع
مواعيد العيادة:
السبت و الاربعاء: من الثانية إلى الخامسة مساءا
الحجز مسبق تليفونيا : 01150009625
____________________
أفضل دكتور جراحة قلب مفتوح في مصر (استفتاء الأهرام)
أفضل جراح قلب في مصر ( إستفتاء صدى البلد)
أستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Facebookأستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Linkedinأستاذ دكتور/ ياسر النحاس on Youtube
Share This Article
error: Content is protected !!