القناة الشريانية المفتوحة لدى البالغين
القناة الشريانية المفتوحة هى إحدى عيوب القلب الخِلقِيّة – فى التكوين الهيكلى له – و موجودة منذ الولادة .
القناة الشريانية المفتوحة هى اتصال غير طبيعى بين الشريان الأورطى و الشريان الرئوى فى القلب ، بعد الولادة . فى الأحوال الطبيعية ، يحمل الشريان الرئوى الدم من الحجرة السفلية اليمنى ( البطين ) إلى الرئة ؛ حيث يُحَمّلُ بالأﻜﺳﭽين ، ثم يعود الدم إلى البطين الأيسر حيث يُضَخّ عبر الأورطى إلى باقى أجزاء الجسم .
أثناء تكون الجنين فى رحم الأم ، يتصل الشريان الأورطى بالشريان الرئوى بواسطة القناة الشريانية المؤقتة ؛ التى تُعتبر جزء من الدورة الدموية الطبيعية فى قلب الجنين . يستمد الجنين الأﻜﺳﭽين من دم الأم ، و بالتالى تنتفى الحاجة إلى مرور الدم فى رئتى الجنين . تقوم القناة الشريانية بتيسيرالدورة الدموية للجنين ؛ عن طريق نقل الدم مباشرة إلى الشريان الأورطى ؛ دون المرور على الرئتين . لكن بعد الولادة ، تنغلق عادة القناة الشريانية تلقائيا و بالتالى يتوقف اختلاط الدم فى الشريانين . عند عدم انغلاق القناة الشريانية بعد الولادة يسرى الدم من الشريان الأورطى إلى الشريان الرئوى .
ما مدى شيوع حالات القناة الشريانية المفتوحة ؟
القناة الشريانية المفتوحة هى أكثر العيوب الخلقية شيوعا ، يصاب بها حوالى ٣٠٠٠ مولود سنويا فى الولايات المتحدة الأمريكية . و لقد لوحظ أيضا ازدياد نسبة حدوثها لدى الأطفال المبتسرين ، كما تتضاعف إصابة البنات عن الأولاد .
ما هى الآثار المترتبة على وجود القناة الشريانية المفتوحة لدى البالغين ؟
حيث أن معظم الحالات يتم تشخيصها وعلاجها أثناء مرحلة الطفولة ؛ فإنّ من النادرنسبيا تواجد هذا العيب الخلقى فى القلب ، لدى الكبار . و من الملاحظ أيضا أنّ معظم حالات البالغين من هذا النوع ، تكون صغيرة أو متوسطة الحجم ، و من غير المألوف وجود قناة شريانية مفتوحة و كبيرة الحجم لديهم . تتمثل أعراض القناة الشريانية المفتوحة فى : عدم القدرة على التنفس بعمق و الشعور بالخفقان ( ازدياد معدل ضربات القلب ) . فى حالة إهمال العلاج يتعرض المريض إلى خطرالإصابة بالإلتهاب البكتيرى الداخلى للقلب و الصمامات و الشرايين ، أو بتضخم القلب ، أو بارتفاع ضغط الشريان الرئوى ، أو ضعف القلب الإحتقانى ، أو الوفاة .
كيف تشخص القناة الشريانية المفتوحة ؟
عند وجود أعراض مثل : عدم القدرة على التنفس بعمق و الخفقان ، و استماع الطبيب للغط عند فحص المريض بالسماعة ، يشتبه الطبيب أنّ هذه مؤشرات العيب الخلقى ، و من ثمّ يطلب إجراء بعض الفحوصات الخاصة من أجل تأكيد التشخيص ، مثل :
- فحص القلب بالموجات فوق الصوتية : لتقييم التركيب الهيكلى للقلب و حجمه بدقة . وأيضا مع إجراء الفحص بالدوپْلر يمكن تحديد اتجاه سريان الدم و كذلك قياس سرعته داخل القناة الشريانية .
- رسم القلب الكهربائى : و هو تسجيل لنشاط القلب الكهربائى ، يُساعد الطبيب فى اكتشاف أى خلل فى معدل ضربات القلب .
- قياس نسبة الأﻜﺳﭽين فى الدم : هى وسيلة غير نافذة داخل الجسم ؛ حيث يتم أخذ عينة الدم من أصابع اليد أو القدم ، و يمكن بواسطتها الكشف عن الإرتفاع الشديد فى ضغط الدم داخل الشريان الرئوى للمريض ، الأمر الذى يؤدى إلى انعكاس اتجاه سريان الدم عبر القناة الشريانية .
كيف تُعالج القناة الشريانية المفتوحة لدى البالغين ؟
يُنصح بضرورة غلق القناة الشريانية لدى البالغين ( إلا فى حالات الإرتفاع الشديد فى ضغط الشريان الرئوى ) ، نظرا لتسبب هذه القناة فى ارتفاع مخاطرتعرض المريض لمضاعفات فى القلب و الوفاة المبكرة . و بغلق هذه القناة يمكن منع حدوث الكثير من المضاعفات ، عودة الدورة الدموية للإنتظام بصورة طبيعية ، اختفاء الأعراض ، و أيضا تقليل مخاطر الوفاة .
كانت الجراحة المفتوحة ، و على مدى عقود من السنين ، هى وسيلة العلاج السائدة و النَمَطِيَّة فى علاج حالات عدم انغلاق القناة الشريانية ؛ حيث يقوم الجراح بشقّ الصدر و غلق القناة بحياكتها أو بتركيب مشابك مستديمة من مادة التيتانيوم . إلا أنه فى الوقت الحالى ، ينصح الأطباء المختصون فى أمراض القلب الخلقية لدى البالغين بقصر الجراحة المفتوحة فقط على حالات القناة الشريانية شديدة الإتساع ؛ وتفضيل استخدام النظام المُغلَق بواسطة القسطرة فى علاج حوالى ٩٥ ٪ من الحالات .
و من الأساليب الجراحية الحديثة استخدام اﻠـﭬـيديو أثناء العملية ، و هى أقل الطرق الجراحية اقتحاما للجسم . يقوم الجراح بشق فتحة صغيرة فى الصدر و إصلاح العيب مع الإسترشاد باﻠـﭬـيديو . و لهذا يجمع هذا الأسلوب الجراحى الجديد بين مزايا الجراحة المفتوحة و الجُرح الصغير الحجم .
و من ناحية أخرى ؛ أصبح استخدام القسطرة فى غلق القناة الشريانية المفتوحة ؛ الوسيلة المُفَضّلة للعلاج بالإستعانة بجهاز للغلق ، حيث أنها أقل التقنيات اقتحاما للجسم . و أثناء هذه العملية يتم دفع جهاز الغلق ، الذى يشبه الزنبرك ( أحادى اللفة أو متعدد اللفائف ) أو السِدّادَة ( المناسبة الحجم ) ، و إنزاله من القسطرة ، ليستقر عند الفتحة المُوَصّلة بين الشريانيين . تتمدد السدادة أو لفائف الزنبرك لتغلق هذا المعبر ، فتمنع سريان الدم تماما نظرا لإحكام سد فتحة القناة . و فى خلال عام يتم الإنغلاق التام للقناة الشريانية لدى أكثر من ٨٥ ٪ من المرضى ؛ بعد إجراء القسطرة .
و الجدير بالذكر ، أنّ إصلاح هذا العيب لدى الكبار أكثر تعقيدا من إصلاحه فى مرحلة الطفولة ، كما ينبغى على المريض الذى تم تشخيص إصابته بالقناة الشريانية المفتوحة ؛ أن يكون تحت الإشراف الكامل لطبيب متخصص فى عيوب القلب الخِلقِيّة لدى البالغين ، و ذى باعٍ طويل و خبرة فى علاج هذا العيب على وجه الخصوص . يُـقـيِّم الطبيب حالة المريض من كافة الأوجه : حجم القناة ، المضاعفات المتعلقة بها ، و الحالة العامة للمريض ؛ و ذلك من أجل انتقاء العلاج الذى يعطى أفضل النتائج . و نظرا لتطور الأجهزة التشخيصية و ارتقاء التقنيات فى أساليب العلاج ، أصبح غلق القناة الشريانية باستعمال القسطرة عبر الجلد ، هو الوسيلة المُفضَّلة فى علاج معظم الحالات .
ما هو مصير القناة الشريانية المفتوحة بعد العلاج ؟
إنّ نجاح غلق القناة الشريانية يؤدى إلى : استئناف الدورة الدموية إلى القلب بصورة طبيعية ، تقليل مخاطر الإصابة بكل من : الإلتهاب الداخلى للقلب ، ارتفاع ضغط الشريان الرئوى ، تكون انتفاخات فى جدار الشرايين و أيضا الوفاة . إلا أنّ نجاح غلق القناة الشريانية لا يندرج تحته علاج المضاعفات الناتجة منها مثل حدوث : تهاوى فى القلب المصحوب بالإحتقان ، أو أمراض الشريان الرئوى ، أو ترسبات من الكالسيوم عند الثقب . يُنصح المريض بتناول المضادات الحيوية لمدة ٦ أشهر ، للوقاية من الإلتهاب الداخلى للقلب ، بعد إجراء عملية غلق القناة الشريانية بنجاح ، أو بتناول المضادات الحيوية مدى الحياة إذا لم يكن الغلق مُحْكما .
ينبغى على المرضى الذين أُجْرِيَت لهم عملية غلق القناة الشريانية ؛ بمداومة المتابعة لدى طبيب القلب المتخصص فى أمراض القلب الخِلقيِة لدى البالغين ، مدى الحياة .